الحمد لله وصلى الله وسلم على نبي الله وعلى الله وأصحابه أجمعين.
وبعد:
إخوة الإسلام سؤال يطرح نفسه لماذا عادة الدنمارك إلى فعلها الشنيع؟!! أليس المسلمون قد غضبوا غضبة قوية على رسولهم الكريم، أليسوا قد خرجوا مظاهرات في شتى بقاع الأرض؟ أليسوا قد نددوا وشجبوا وأصدروا البيانات في رفض مثل هذه الاستهزاءت؟ أليسوا قد قاطعوا هذه الدولة الصغيرة الحقيرة؟!! حتى أوقفوا نشر هذه رسوم. فلماذا عادة الدنمار إلى فعلتها الأولى؟ هل كان الرد غير كاف؟ أم أن المسألة فيها ما فيها؟.
نعم إخوتي الكرام: إن مما شجع هذه الدولة الصغيرة على إعادة نشر الصور التي تسيء إلى رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم- هو ما تراه تلك الدولة الحقيرة خاصة ودول الكفر عامة من ضعف المسلمين وبعدهم عن دينهم وعقيدتهم، لما يرون من تفرق المسلمين وتشتتهم وتشرذمهم، فحالنا نحن المسلمين جعل العدو ينال منا ما شاء فنالوا من قرآننا، ونالوا من رسولنا، ونالوا من أعراضنا، واحتلوا أرضنا، وسفكوا دماءنا، ونهبوا ثرواتنا، وكل ذلك بسبب ما جنته أيدنا؛ لأننا عصينا الله -عزوجل- فنزع الله المهابة من قلوب أعدائنا، فلا هيبة ولا خوف من المسلمين لأنهم ضعفاء تركوا الجهاد ورضوا بالزرع، وتبايعوا بالعينة فسلط الله عليهم ذلاً لا ينزعه عنهم حتى يراجعوا دينهم، حتى يتمسكوا بدينهم وعقيدتهم، حتى يتوبوا إلى بارئهم، حتى يتركوا عصيان خالقهم ورازقهم، حتى يوحدوا صفوفهم، حتى ينتهجوا نهجاً صحيحاً ويسلكوا طريقاً سليماً طريق محمد - صلى الله عليه وسلم-وطريق أصحابه وأتباعه، حتى يتركوا البدع والخرافات والشركيات، حتى يمتثلوا شرع الله واقعاً في حياتهم، حتى يحيوا فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في واقعهم، حتى يحاربوا الفساد الذي استشرى فيما بينهم، حتى يعودوا عودة صادقة إلى ربهم وذلك كما أخبر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم-.
أيها الأخوة الكرام: إن الدنمارك خاصة ودول الكفر عامة لن يردعها سلاحنا الذي نستورده منهم، لأنهم يعلمون مدى ضعفه وهزالته وهم يملكون أقوى منه وأشد، ولن تردعهم جيوش المسلمين، لأنهم يدركون أنها بعيدة عن دينها وعقيدتها، ولن تردعهم المظاهرات والمسيرات والمهرجانات لأنهم يعلمون أنها مؤقتة وسرعان ما تسكن وتزول مهما كان حجمها وعددها، ولن تردعهم الخطابات السياسية والاجتماعات واللقاءات لأنهم يعلمون أن أصحابها أصحاب مصالح وأطماع سرعان ما يرضون، ولن تردعهم عقد القمم العربية ولا البرقيات والرسائل من مجالس النواب لأنهم يعلمون أنها صدرت تحت ضغوط الشعوب والخوف على المصالح، فهذه كلها لا تؤثر فيهم، وإنما يردعهم ويؤثر فيهم ويوقفهم عند حدهم أن يرو من المسلمين تمسكاً بدينهم، فعلى المسلمين أن يعلنوا التوبة من الذنوب والمعاصي، وعليهم أن يقيموا شعائر الإسلام كما أمر الله -عزوجل- وكما سن رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم-، وعليهم أن يقيموا حدود الله فيما بينهم لأنها لن تُصلح البشرية إلا الأحكام الإلهية، وعليهم أن يعودا إلى تربية أنفسهم تربية صحيحة، تربية القرآن والسنة، تربية الجهاد في سبيل الله، تربية البذل والتضحية من أجل الإسلام الحنيف، تربية إسلامية على الوجه الصحيح، وعلى أولياء الأمور من المسلمين أن يربوا أولادهم على مائدة القرآن والسنة لكي يخرج جيل قراني فريد يخاف الله ورسوله ويخشاه، فيلقي الله -عزوجل- الرعب والخوف في قلوب أعدائهم، وعلى المسلمين كذلك أن يحاربوا أفكار وثقافة الكفار فيقاطعوا ثقافتهم ويرفضونها وينبذونها فهي غزو فكري غزو المسلمين بها، وعلى المسلمين أن يقاطعوا بضائعهم ومنتجاتهم وهذه حرب اقتصادية لها أثرها الكبير والبالغ على هؤلاء الكفار لأنهم قوم يحبون الحياة ويعبدون المادة.
فالعودة العودة يا أمة الإسلام إلى الإسلام، والتوبة التوبة يا أمة القرآن إلى الله الواحد الديان، والصدق الصدق مع الله العزيز القهار، فليبادر كل واحد منا إلى إصلاح نفسه وأسرته وجيرانه ومجتمعه إذا كنا صادقين في نصرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- فإن أعظم نصرة له في مثل هذه المصائب أن نتمسك بهديه وسنته، وأن نعض عليها بالنواجذ لأن فيها الخير والنصرة والعزة، فالله عزوجل إذا علم منا صدق النية والعزيمة على العمل في ضوء كتابه سبحانه وعلى سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم- فإنه سينصرنا ويؤيدنا ويسددنا ويؤوينا ويحفظنا ويقوينا وإلا فإن سنة الله لا تتغير ولا تتبدل{إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} والله -عزوجل- لا يحابي ولا يجامل أحد، فغيروا حالكم أيها المسلمون يغير الله ما بكم.
أسأل الله -عزوجل- أن ينتقم لرسوله - صلى الله عليه وسلم- ممن نالوا منه وأن يشفي صدورنا بهلاهكم وعذابهم في الدنيا قبل الآخرة إنه على كل شيء قدير.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
والله من وراء القصد,,,