احمد عبده الديب المدير العام
عدد المساهمات : 1048 تاريخ التسجيل : 30/06/2010 العمر : 33
| موضوع: الذبّ على خير خلق الله السبت يوليو 17, 2010 1:46 am | |
| شن الإسلام حرباً شعواء على الشائعات وافتراء الأكاذيب لما لها من أثر سيء في تشويه الحقائق و جرح المستورين و هتك الأعراض , وعدها من أقبح المنكرات والآثام . روت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : (( أتدرون أربى الربا عند الله ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإن أربى الربا عند الله استحلال عرض امرئ مسلم , ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينا " ))[1] ؛ لأن التلهي بسرد الفضائح و كشف الستور والافتراء على الأبرياء وإبداء العورات متنفس حقد مكظوم وصدر فقير الى الرحمة والصفاء , عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : ذكرك أخاك بما يكره . قيل : أفرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته . وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهتّـــه ))[2] هذا على مستوى الأفراد فكيف بشخص الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الرحمة المهداة وأفضل خلق الله , قال تعالى : (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) . ولعل من المسلمين فئام ممن انخدعوا بحضارة الغرب يحبون الاصطياد في المياه العكرة , ويستعذبون الخوض في مستنقعات الإفك , ويحلو لهم أكل لحوم الآخرين توعدهم الله بالعذاب في الدنيا والآخرة , قال تعالى : ((إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ))[3] وقال تعالى : (( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ))[4] .
لم يواجه دين من الأديان ولا عقيدة من العقائد مثل ما واجه الإسلام من تحديات منذ فجر تاريخه فقد تصدى لتهم المشركين في مكة وخزعبلات اليهود في المدينة , كما واجه وثنيات الفرس وانحرافات الروم وفلسفات الهند والصين , وثبت أمام هذه التحديات وانتصر عليها ؛ لأن المجتمع الإسلامي آنذاك كان يعي أخطار الأفكار التي يطرحها الفلاسفة والزنادقة وعيا كاملاً فأخذ يكشف زيفها ويبين ما انطوت عليه قلوبهم من كيد لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم .
والحق أن حضارة العرب تعرضت للتشويه حتى قبل ظهور الإسلام يقول المستشرق الفرنسي بيير روسي في كتابه " مدينة ايزيس التاريخ الحقيقي للعرب" : "إننا باختصار في جهل مطبق، جهل علمي متفق عليه، وإن الأمر سيكون بسيطاً جداً فيما لو أننا تكلمنا بدلا من الساميين الأبطال المختلقين من أصل خيالي، لو أننا تكلمنا عن العرب ذلك الشعب الحقيقي، والذي يمتلك وجوداً اجتماعياً مستمراً وجوداً ثقافياً ولغوياً يعطي حياة وتوازناً لهذا البحر المتوسط منذ عدة آلاف من السنين".
لقد فشلت الحروب الصليبية من الناحية الحربية , ولكن بقي الغزو الفكري ينفث السموم , ويثير الشكوك , وبقيت النزعة الصليبية تتوارى خلف ستار من الدبلوماسية والرياء السياسي .. واستمات الغرب الصليبي في بث الشائعات ذات اليمين وذات الشمال , وافتراء الأكاذيب وطمس الحقائق وتدبير المكائد , ثم يزعمون أنهم أرباب الديمقراطية وسادة الإنسانية . و الدراسة الموضوعية والمتأنية للكتابات الاستشراقية في العصر الحديث منذ القرن التاسع عشر حتى الآن لتؤكد غلبة موقفهم المهاجم والمعادي من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن القرآن الكريم . حيث نقلوا صورة العالم الإسلامي من وجهة نظرهم إلى العالم الغربي ؛ لأن الاستشراق بدأ بأهداف ودوافع دينية بحته، ناتجة من خوف الكنيسة الغربية من الانتشار السريع للدين الإسلامي في كافة أرجاء العالم القديم فقام المستشرقون خلال هذه الفترة الطويلة زمنياً بترجمة الكثير من تراث المسلمين في كل مجالات سواء كانت الدينية أو الثقافية أو التاريخية أو الفلسفية أو الاجتماعية أو العلوم التقنية العملية كالكيمياء والفيزياء والطب والرياضيات وغيرها تلك الدراسات كانت تحذيراً للغربيين من خطر مخيف بالنسبة لهم وهو خطر الإسلام، هكذا كانت الصورة تعرض فجاءت دراساتهم بعيدة عن الدقة و الموضوعية مشحونة بالتشويه المتعمد بهدف نشر الإيديولوجية الاستعمارية وأخذت موقف الإنكار للرسالة والتكذيب للرسول صلى الله عليه وسلم وإثارة الشبهات حول الإسلام بوجه عام، وحول القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم بوجه خاص.
إن هذا الحقد , والمقت , والكره كان سبباً قوياً في الإغارة على الإسلام وعصوره بشتى الأساليب والألوان والإشكال , وما زالت أمواجه تعلو وتشتد ثقافياً وفكرياً وإعلامياً لتخريب قواعد الإسلام , وتشويه صورة الرسول صلى الله عليه وسلم , وزعزعة ثقة المسلمين في الصحابة والقضاء على آخر معاقل المسلمين في الأخلاق والأسرة .
وان البشرية لم تشهد في مرحلة من مراحل حياتها وضعاً جند فيه الخبراء والفلاسفة والأجهزة والمؤسسات للنيل من هذا الدين ما شهده عصرنا الحاضر الذي اتخذ فيه العداء شكل الفلسفة والنظرية والمبدأ الذي يعتنقه الأتباع ويدافعون عنه . وقد سمعنا ورأينا ما كتبته هذه الصحيفة الدانماركية المنحطة ( jylandes posten ) يوم الثلاثاء 26 / 8 / 1426هـ الموافق 30/ 9 / 2005 م بنشرها رسوماً كاريكاتيرية تسخر فيها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أتباعه الذين يقارب عددهم أكثر من مليار ونصف المليار ؛ لا لشيء إلا لأن بعض الدنمركيين بدأوا يفكرون بالتخلي عن نصرانيتهم واعتناق الإسلام فهي تريد تشويه صورة هذا الدين الذي يزيد عدد أفراده في الدانمرك عن 170 ألف مسلم لتثني شعبها عن اختياره عبر حركة تشويه متعمدة لشخص الرسول صلى الله عليه وسلم , فقد ظهر بعض ما تخفي صدورهم من الكراهية وهذا ما يؤكد أن الحرب بين الإسلام والغرب حرب دينية عقدية قال تعالى : ((وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ))[5] , وقال تعالى : (( وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ ))[6] . وإن الدائرة ستدور بنكباتها على المستهزئ ومن رضي بذلك قال تعالى : ((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ )) [7] وقال تعالى ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ )) [8] . ومن يظن أن في النصارى من هو نزيه أو محايد ــــ عندما يتعلق الأمر بالإسلام و المسلمين ــــ فهو واهم فالجميع ذوو عداوات مستحكمة متجذرة لها أبعادها العقدية والفكرية والحضارية التي تغذيها ؛ يدلنا على ذلك موقف الدول الأوربية موقف المتضامن تجاه ما فعلته الدنمرك متذرعين بشعارات جوفاء كحرية التعبير , والديمقراطية ... دون وضع أي اعتبار لمراعاة مشاعر الآخرين فضلاً عن المسلمين .
في قلب هذه الأزمات تذكرت كلام القائد الشيوعي الملحد [ لينين] حين قال: عقود تمر على الأمة لا يحصل فيها شيء ثمَّ تمر سنين تحصل فيها عقود، وصدق وهو كذوب فقد صرنا نعاصر سنوات حصلت فيها حوادث أكثر من عشرات السنين، وكان للمسلمين فيها الحظ الأوفر من المآسي الفظيعة ، والأوضاع المؤلمة فقد تكتل الغرب للإسلام ورموه عن قوس واحدة , فمنذ حوادث الحادي عشر من سبتمبر و أنى تلفت مشرقاً أو مغرباً تجد الإسلام كالطير مقصوصاً جناحاه , وان مسلسل التدخل السافر والمباشر في شئون الآخرين ـــ الذي يرفضه الغرب ـــ لا يفتأ مستمراً مروراً بباكستان وأفغانستان فالعراق والسودان ولبنان وسوريا ... قال الشيخ ابن تيمية- رحمه الله [فإذا ترك الناس الجهاد في سبيل الله فقد يبتليهم بأن يوقع بينهم العداوة حتى تقع بينهم الفتنة كما هو الواقع؛ فإنَّ الناس إذا اشتغلوا بالجهاد في سبيل الله جمع الله قلوبهم وألَّف بينهم ، وجعل بأسهم على عدو الله وعدوهم ، وإذا لم ينفروا في سبيل الله عذَّبهم الله بأن يلبسهم شيعاً، ويذيق بعضهم بأس بعض] [9] , فهو الحل الذي نراه للخروج من الأزمة ؛ اذ لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها . | |
|